نجيب ايوب عضو مبتدئ
عدد الرسائل : 56 العمر : 59 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 30/08/2009
| موضوع: المفاتيـح تحت الأقـدام السبت سبتمبر 26, 2009 4:32 am | |
| المفاتيح تحت الأقدام ثلاثة حكايات على الأقل تستحق أن تروى ونحن بصدد الإجابة عن سؤال مزمن ، حول شلل العقل والإرادة والإصابة بالعمى ، عندما تشتد الأزمة وتنفجر بصاحبها كلغم موقوت بدلآ من أن تنفرج الحكاية الأولى من التاريخ يرويها إبن إياس في كتابه الأسود عن الخريف الفاطمي ، وهو بدائع الزهور يقول إن الناس لفرط ما أصابهم من ضيق كانوا يعجزون عن طرد ذبابة تبيض على عيونهم المغمضة أو أنوفهم التي لم تعد تفرق بين رائحة البصل ورائحة الزهر ، والنساء منهن من لم تقوى على صد كلب يهاجم وليدها في المهد . ومن أصابهم هذا الشلل الكلي لم يكونوا جياعآ فقط ، فالجوع قد يدفع الإنسان إلى البحث عن الحليب في ضرع الحجر كما يقال ، لكن الإستسلام للأمر الواقع ، وفقدان القدرة على الإستجابة للتحديات هو ألأنكى من أي جوع أو فقر أو مرض . الحكاية الثانية من الأدب التي يرويها الشهيد غسان كنفاني في روايته الشهيرة رجال في الشمس ، والتي تحولت إلى فلم سينمائي لم ينل حقه من الإهتمام لإنصراف الناس في تلك الأيام عن كل ما هو جاد أو يدفع إلى المسائلة عما يجري . رجال غسان إختنقوا وماتوا تباعآ في الصهريج الذي أختبأو داخله كي يعبروا الحدود ، ولم تكن الشمس التي حولت جدران الصهريج إلى جحيم هي السبب في موتهم ، ولم تكن أيضآ شحة الأوكسجين هي التي تسببت في إختناقهم ، بل هو الشلل الذي أصاب إرادتهم ، فلم يدقوا الخزان ولم يستغيثوا وإستسلموا لمصائرهم حتى الموت . والحكاية الثالثة من الإسطورة عن أحد الرعاة الذي كان يرتدي حذاءآ مرصعآ بالمسامير وصعد جبلآ لم يكن يعرف أنه مليىء بحجارة المغناطيس ، إذ سرعان ما تسمر مكانه ، ولم يخطر بباله أن يخلع الحذاء كي يتحرر من الورطة ، ومكث مكانه حتى مات جوعآ بينما القطيع ضل طريقه وتاه في الجبال .
الأدب والأسطورة والتاريخ ، ثالوث المعرفة البشرية الخالد يقدم إمثولاته لنا جيلآ بعد جيل، لكننا نادرآ ما ننتفع بها . ونكرر الأخطاء ذاتها ، إن الأمر يشبه رجلآ قد أضاع مفتاح بيته وإضطر إلى خلع الباب ، إن الحلول أسهل بكثير مما نظن ، حتى لو كانت المشكلات تبدو مستعصية ، لكنها بحاجة إلى ثقافة أخرى غير هذه الثقافة التي تتألف من الريبة و فقدان الثقة بالذات والآخر والتعويل على ما يجود به القدر أو المصادفات . إن جبل المغناطيس في عالمنا العربي مليىء بجثث الرعاة التي ضلت قطعانهم لأنهم لم يخلعوا الأحذية تمامآ كما أن رجال غسان لم يدقوا جدران الخزان . مع خالص تحياتي لكم نجيب ايوب
| |
|