نجيب ايوب عضو مبتدئ
عدد الرسائل : 56 العمر : 59 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 30/08/2009
| موضوع: الحوار المســــلح الجمعة سبتمبر 25, 2009 3:27 pm | |
| الحوار المسلح كمن يعطس في سوق النحاسين في ضجيج المطارق ويريد من الناس أن يسمعوه ويقولوا له ( يرحمك الله ) . هذا شأن من يتحدثون الآن بصوت هادىء . ويحتكمون إلى العقل ، مقابل من يتصايحون ويقرعون الطبول ويحولون الحياة برمتها إلى ظاهرة صوتية . إن ما يدور بين البشر هو الحوار حسب أدنى تعريف له وهو الإصغاء إلى الآخر وإعطاؤه الفرصة التي يستحقها من الكلام ، لكن الثيران لها أسلوب آخر وهو الخوار حيث ما من سبيل لأن يصغي أحد لأحد ، ولا ندري لماذا يندفع الموقف كلما اختلف إثنان إلى أقصى الإشتباك ، والمسألة على ما يبدوا بحاجة إلى تحليل سايكولوجي، كأن توضع عينات من السجال تحت المجهر كي نكتشف حجم الإصابة والتلوث الذهني والفكري في مرحلة لم تعثر بعد على إسم يليق بها . إن من يرصد المعارك الإعلامية في المشهد العربي ألآن يشعر بأسـى مضاعف لأن التوقيت نصف المسألة ، ومن يختلفون على شيىء عابر تحت غارة جوية يتحولون إلى مشهد كوميدي بعكس من يختلفون في أيام عادية ورتيبة شأن كل عباد الله . وهذا التوتر الذي ينقطع أحيانآ عن مناسبته وأسبابه يعبر عن جملة من المكبوتات النفسية والجسدية وربما الأيديولوجية لم يتح لها أن تجد متنفسآ طبيعيآ . فإندلعت كالبركان الهاجع عندما توفرت مناسبة أشبه بقشرة هشة ورقيقة في الأرض . نحتاج كبشر أولآ إلى إمهال أنفسنا دقيقة واحدة فقط قبل التورط بمواقف لا نحزر مداها ، وهذه الدقيقة قد تصبح الفاصل الحيوي الحاسم بين خطأ لا سبيل إلى إصلاحه وبين موقف إستدراكي يقينا من عدة شرور دفعة واحدة . وثـمة حكمة خالدة تقول أن مناقشة العقلاء كالطريق المعبدة التي تفضي حتمآ إلى هدف أو نهاية ، بعكس مناقشة الجهلاء التي تشبه البحث عن طريق في الغابة . وما كتب حتى الآن عن العقل السياسي العربي رغم أهمية إطروحاته بقي ناقصآ لعدم إلمامه بأبعاد نفسية وإجتماعية وتربوية ، صاغت هذا العقل وحددت منسوب الوعي ، وهذا ما يفسر لنا مفارقات من طراز بالغ الطرافة والتطرف ، كأن تصبح الثقافة ومزاعم العلم بمجرد قبعة تلبس وتنزع حسب الحاجة . فيعود القادم من ألجامعات العريقة الغربية إلى قواعده الرعوية سالمآ ،لأن التفكير الإنفعالي يقود إنقلابــآ ضد العقل ، لمصلحة العواطف وأحيانآ للغرائـز . فهل نحن بحاجة إلى تأهيل ومران على الإصغاء للآخر حتى لو كان أخانــا أو جارنــا أو من أبنائنا كي نحتفظ للحوار بحده الأدنى المعقول، وكي لا ينزلق برمشة عين إلى سـجال عقيم وتراشق بالهجاء والإقصاء المتبادل ؟ المسألة تربوية بإمتيــاز وهي مثلث ضلعاه الأساسيان مدرسة وبيت ، وإن كان الضلع الثالث هو المجهود الفردي الذي يبذل لتحصين الذات من التورم والنرجسية العمياء ، بحيث يتوهم أحدنا بأنه محور الكون وأن الآخرين مجرد أصفار على يســار الرقم الذي يتخيله لنفسه . إن الإنتحارات يمكن لها أن تكون قومية وجماعية وليست حكرآ على أفراد فقدوا توازنهم ، وهذا ما نخشاه الآن إذا إستمر الحال على ما هو عليه .
تحياتي لكم جميعآ Najeeb Ayoub
| |
|