مبـتـدأ بـلا خـبر

مبتدأ بلا خبر

قد يكون إنقطاع الناس عن قراءة التاريخ
وإستغراقهم التام في شجون عصر محموم
لا يترك مجالآ للتأمــل ،
هو السبب والإندهاش مما يجري على صعيد واقعنا السياسي. وإذا كانت الدهشة تأتي من حروب ومناكفات وسجالات الأخوة الأعداء ، فقد عرف التاريخ العديد منها ،
فثنائية هابيل وقابيل تعتبر أمثولة .
وإن مصدر هذه الدهشة الإفتراق والتشظي
وتعدد المفاتيح للقفل الواحد ، وإن كانت الدهشة من الفقر والشقاء والجوع أيضآ ، فإن أمامنا إن كان لدينا وقت للقراءة ما كتبه عشرات المؤرخين بأنهم وصفوا عصرآ يصعب حتى على الخيال الجامح أن يتصوره ،
فالناس فيه أكلوا بعضهم أحياء وموتى ، وثـمة مشاهد بلغت حد القسوة تحول دون إستذكارها في هذا المقام .
فحين تتأقلم الشعوب مع المحن والكوارث والفقر والجوع تجف وتبلغ خريفها مبكرآ والعكس صحيح .
أن ما يصيبنا بالهلع ، الصراعات التي تقضم شعبآ محاصرآ يقاوم شتى صنوف الإحتلال والإنتهاك والإبادة والتسفير .
ما يصيبنا بالهلع هو الأساليب التي يتعامل معها ، فثمة من يصبون المزيد من الزيت على النار وهم لا يعلمون ، وثمة من يقلدون ذلك الدب الأحمق رغم نواياه الطيبة ، عندما ألقى حجرآ على رأس صاحبه وهو نائم ليقتل ذبابة كانت تحوم على أنفه . ومن نقلوا لنا الحكاية جعلوها مبتدأ بلا خبر ، فقالوا لنا أن صاحب الدب مات ولكنهم لم يقولوا أن الذبابة نجت بالفرار . يبدوا أن النخب السياسية ليست دائمآ أمينة على شهادتها للوقائع بسبب إرتهانها وبحثها عن أقصر الطرق لنيل حصة حتى ولو كانت بقايا .........
مع خالص التحيات
نجيب ايوب