مصطلحات فسفوريــة

مصطلحات فسفورية
إن صح القول أن لكل زمــان دولة ورجالآ
فمن الأولى أن يكون لكل زمان مصطلحاته ومفاهيمه ،
التي تمليها حاجات الناس وأحلامهم ،
فأن من يحلم بالماء ليس كمن يعيش على ضفافه أو يغرق فيه ،
بل ذلك الذي تتشقق شفتاه من فرط الضمأ .

وبقدر ما يتغزل من يعيشون في الأصقاع الباردة بالشمس ،

فإن العكس هو ما يحدث لمن يعيشون تحت لهيبها وقيظها والأمور على أي حال نسبية .
قبل عقود سادت مصطلحات ذات وهج فسفوري ،
خطفت الأبصار منها : تصفية الإستعمار ،وهواجس الإستقلال، والسيادة ،
والأمن القومي ، والقدرة على حماية الحدود ،
المصطلحات التي بشرت بها أمريكا قبل ستة عقود ،
أصبحت الآن تصاب بضيق تنفس لدى سماعها ، فهي لا تطيق كلمة مقاومة رغم أنها مهدت وأعانت الفرنسيين على تحرير بلادهم . فمن بين المليارات الستة الذين يقتسمون هذا الكوكب بلا مساواة أو عدل ، ثلاثة أرباع هذا الرقم من الجياع والمتشردين ، قد يتضاعف في العقود القادمة إذا إستمرت المتوالية ذاتها . فتاريخنا يخلوا من الفردوس الأرضي ، لهذا لا يزال البشر يحلمون ويتخيلون وينتظرون أقل بؤســآ . وأن ما أفرزته العولمة ثقافيآ هو معجم من المصطلحات المنحوتة بعناية فائقة . فالكلمات تقتاد الناس أحيانآ من إنوفهم إلى ملاعب أخرى غير ملاعبهم .
وقد يتم إستبدال قضايـا ســاخنة بأخرى مصنعة ومستولدة من أنابيب الميديـا والدول الطامحة إلى التمدد الأمبراطوري حتى لو لم تعلن ذلك صراحة .
وسمت الشمس مصباحآ كهربائيآ عملاقــآ على سبيل التضليل . بعد عشرين أو ثلاثين سنة ستبدو المصطلحات الجذابة والتي تظاهر الملايين بإسمها وتحت مظلاتها وســجنوا وشردوا مجرد جرار من فخار أو آنية من الخزف .
وما يحدث الآن تحالف بين أنماط إنتاج غير مسبوقة وميديــا مدججة بالأسلحة والمعرفة وعولمة تتأسس على فلسفة التأقلم القســري . أما الضحايــا فهم من الشعوب التي دفعت أضعاف ثـمن حريتها من الدم ولكنها لم تنل شيئآ .

مع خالص التحيات
نجيب ايوب