درامــا تبحث عن مؤلف

دراما تبحث عن مؤلف
حين تنفصل الطقوس عن دلالاتها تصبح شكلية فقط ،
وما يحدث في أيامنا هو تفريغ شبه منظم للكثير من الظواهر والأشياء
من جوهرها ومضمونها الحيوي ،
القليل جدآ من المسلسلات تخرج من الثلاجة ويجري تسخينها في المايكرويف
الرمضاني لتقترب من شجون الناس .
وتلامس أشواقهم وعذاباتهم ومشاعرهم وأحاسيسهم .
والعربي الجريح في صميم الوجدان والقلب لم يعد فريسة سهلة لصائدي الزبائن ،
فهو ليس كائنآ معزولآ عن جاذبية هذا الواقع الساخن وعن مجمل ما يدور
حوله من أحداث جسام ، وهو أيضآ ليس عينين فقط مفتوحتين طيلة الوقت
لإمتصاص ما يرى .
إن له حواسآ أخرى وأحيانآ حاسة سادسة سيشعر من خلالها أخطارآ على وشك الوقوع .
التباين شديد بل كارثي بين وعي من يضعون الرأي العام وبين هذا الرأي الذي لم يعد عجينة رخوة يسهل تشكيلها بحيث يصنع منها رغيف أو عصا أو كعب بندقية ،
ولا يبتعد هذا التباين عن الهوة التي تتفاقم سعة وعمقآ بين النخب والناس ، فهم يعيشوه
في وديان متباعدة ولهذا تذهب الصيحات سـدى .
لأنها لا تصل إلى المرسل إليه على طريقة ذلك البوســتر الذي إختصر الدراما
الفلسطينية كلها بعبارة واحدة كتبت على ظهر رسالة هي
لم نعثر على العنوان ولهذا نعيد الرسالة إلى مرسلها .
مسلسلات إما متفرغة للحب أو لإعلان حرب صغرى
وبالتالي تحقيق إنتصارات وهميـة ،
فالأحداث ليست مفاهيم مجردة أو أعراضآ جانبية ،
أنها تحدد نسبة ملح الطعام في حياتنا ،
وتحدد إتجاهات سهم البوصلة في كل شيىء
والفرصة أكثر من سانحة لمن يريدون التفوق على أهداف الربح العاجل وإستثمار الضجر والتخلف بحيث يمارسون دورآ فاعلآ في تحرير الوعي من كل هذه الشوائب ،
فالوعي قابل للإحتلال أيضآ كالأرض ،والمستوطنات قد تكون فكرية ولا تبنى على التراب بقدر ما تنمو داخل الدماغ وفي عمق الذاكرة .
ولأن الأخطاء تتكرر فأن المعالجات أيضآ تتكرر ولكن نادرآ ما نضع إصبعنا على الجرح إنسجامآ مع فلسفة التواطؤ التي تفرض علينا أن نقول كل شيىء كي لا نقول شيئآ محددآ .
مع خالص التحيات
نجيب ايوب

رائع واصل تميزك